متعة الحج :
( وأما متعة الحج فقد عملها رسول الله ( ص ) وأمر بها مصداقا لقوله
حقيقة الشيعة الاثني عشرية - أسعد وحيد القاسم ص 133 |
تعالى : ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج . . . ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) ( 1 ) .
والمقصود بذلك هو الاعتمار في أشهر الحج قبل الحج ، وهو فرض على من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام .
وقد قيل عنه التمتع بالحج لما فيه من المتعة : أي اللذة بإباحة محظورات الاحرام في المدة المتخللة بين الاحرامين - إحرام للعمرة وإحرام للحج - ) ( 2 ) وهذا ما كرهه الخليفة عمر أيضا ونهى عنه بالرغم من أن الرسول ( ص ) مات دون أن ينهى عنها ،
فقد أخرج البخاري بالإسناد إلى سعيد بن المسيب قال : " اختلف علي وعثمان رضي الله عنهما وهما بعسفان في المتعة ، فقال علي : ما تريد إلا أن تنهى عن أمر فعله النبي ( ص ) فلما رأى ذلك علي أهل بهما جميعا " ( 3 ) .
وانظر في الحديث التالي الذي أخرجه البخاري في صحيحه والذي يظهر بوضوح أنه كان هناك من يجتهد في نصوص النبي ( ص ) الصريحة فعن الحكم قال : " شهدت عثمان وعلي رضي الله عنهما ، وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما . فلما رأى علي أهل بهما : لبيك بعمرة وحجة ، وقال : ما كنت لأدع سنة النبي ( ص ) لقول أحد " ( 4 ) .
والرجل الذي أشار إليه علي عليه السلام في قوله أعلاه هو عمر بن الخطاب ( رض ) كما بينا ذلك في مواضع سابقة ، وأما عذر عثمان في رأيه ذلك هو أنه عندما أخذت البيعة له كخليفة ، اشترط عليه عبد الرحمن بن عوف بأمر من الخليفة عمر قبل موته أن يعمل بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة
|
* ( هامش ) * ( 1 ) البقرة : 196 .
( 2 ) الفصول المهمة للإمام شرف الدين .
( 3 ) صحيح البخاري ج 2 ص 374 كتاب الحج .
( 4 ) صحيح البخاري ج 2 ص 371 كتاب الحج . |
|
حقيقة الشيعة الاثني عشرية - أسعد وحيد القاسم ص 134 |
الشيخين . فالنهي عن المتعتين كان يعتبر من ضمن سيرة الشيخين الذي لا يستطيع عثمان أن يحيد عنها ، وإلا لما كانت الخلافة لتؤول إليه لو لم يبايع على ذلك الشرط . وقد تواتر عن الخليفة عمر ( رض ) قوله : " متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أنهى عنهما ( 1 ) ، ويقصد بذلك متعتي النساء والحج .
وكلام الخليفة عمر هذا يظهر بأن التصرف في حكمهما ، إنما هو منه لا من سواه ، حيث روى أن المتعتين كانتا على عهد النبي ( ص ) ، ولم يرو نهيه ( ص ) عنهما ، بل أسند النهي عنهما إلى نفسه بقوله : " . . . وأنا أنهى عنهما " .
ورحم الله من قال بشأن قول الخليفة عمر السابق : " قبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه " .
والحقيقة أن من يتصفح تأريخنا الإسلامي بموضوعية وبعيدا عن التعصب ، فإنه سيجد الكثير من الأحكام الأخرى ( وإضافة إلى المتعتين والتراويح ) مما هو من اجتهاد الخليفة عمر ( رض ) وبالرغم من وجود ما يعارضها من نصوص ثابتة للرسول ( ص ) .
إلا أن أهل السنة قد تقبلوا هذه الاجتهادات عبر الأجيال ظنا منهم أنها من صنع الرسول ( ص ) ! !
|
* ( هامش ) * ( 1 ) التفسير الكبير للرازي ج 5 ص 153 ط دار إحياء التراث العربي ، والطبراني ( * ) |
|