تجريح الإمام علي
ولم يكتف القوم بعملة التضخيم هذه بل سعوا إلى طعن وتشويه الإمام والتشكيك فيه والتقليل من شأنه عن طريق اختراع الروايات على لسان الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) التي تحط من قدره وتقنع الأمة بالمنزلة التي وضعوه فيها . .
يروي البخاري أن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال وهو على المنبر : إن بني هشام بن المغيرة استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم عليا بن أبي طالب فلا آذن . ثم لا آذن . ثم لا آذن . إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم فإنما هي بضعة مني يريبني ما أرا بها ويؤذيني ما آذاها ( 1 ) . .
وفي رواية أخرى : أن عليا خطب بنت أبي جهل على فاطمة ( 2 ) . .
وفي رواية مسلم : وأن فاطمة بضعة مني وإنما أكره أن يفتنوها وإنها والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد أبدا . . قال - أي الراوي - فترك علي الخطبة ( 3 )
وينقل ابن حجر قولهم : أصح ما تحمل عليه هذه القصة أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حرم على علي أن يجمع بين ابنته وبين ابنة أبي جهل لأنه علل بأن ذلك يؤذيه وأذيته حرام بالاتفاق ( 4 ) . .
ويروي أحمد : دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على علي وفاطمة فأيقظهما للصلاة . ثم رجع إلى بيته فصلى هويا من الليل فلم يسمع لهما حسا . فرجع فأيقظهما وقال : قوما فصليا . - قال أي علي - فجلست وأنا أعرك
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) - أنظر البخاري كتاب النكاح . باب ذب الرجل عن ابنته . . ومسلم باب فضائل فاطمة . ( 2 ) - المرجع السابق . وانظر مسلم . ( 3 ) - أنظر مسلم . ( 4 ) - أنظر فتح الباري ( ح 9 / 327 ) وما بعدها . |
عيني وأقول : إنا والله ما نصلي إلا ما كتب لنا . إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا . فولى رسول الله وهو يضرب بيده على فخذه ويقول : ما نصلي إلا ما كتب لنا ما نصلي إلا ما كتب لنا . وكان الإنسان أكثر شئ جدلا ( 5 ) . .
ويروي الترمذي عن علي قال : كنت رجلا مذاء . فسألت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : أما المني ففيه الغسل . وأما المذي ففيه الوضوء ( 6 ) . .
وفي رواية أخرى يقول علي : كنت رجلا مذاء فكنت أستحي أن أسأل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لمكان ابنته فأمرت المقداد فسأله . فقال : يغسل ذكره ويتوضأ ( 7 ) . .
ويروي أحمد عن علي قوله : كنت أرى أن باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما حتى رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يمسح ظاهرهما ( 8 ) . .
ويروي البخاري أن عليا سئل : هل عندكم شئ من الوحي إلا ما في كتاب الله ؟ قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن وما في هذه الصحيفة قلت : وما في هذه الصحيفة ؟ قال : العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر ( 9 ) . . وقد ذكرنا فيما سبق حديث البخاري على لسان الإمام علي : ما أنا إلا رجل من المسلمين . .
ويروي البخاري أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صعد أحدا وأبا بكر وعمر وعثمان فرجف بهم . فقال : اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ( 10 ) . .
ويروي البخاري على لسان عمر قوله عن علي : توفي رسول الله وهو عنه راض ( 11 ) . .
ويروي أيضا عن علي قوله بعد أن تولى الخلافة : أقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الاختلاف حتى يكون الناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي ( 12 ) . .
ويروى أن عليا والعباس دخلا على عمر . فلما دخلا . قال عباس : يا أمير المؤمنين إقض بيني وبين هذا - وهما يختصمان في الذي أفاء الله على رسوله ( صلى
|
* هامش * |
|
|
( 5 ) - أنظر مسند أحمد ( ج 2 ) مسند الإمام علي . ( 6 ) - أنظر البخاري كتاب العلم . وكتاب الوضوء . ومسلم كتاب الحيض . ( 7 ) - أنظر المراجع السابقة . ( 8 ) - أنظر مسند أحمد ( ج 2 ) . ( 9 ) - أنظر البخاري . باب كتابة العلم وباب فتاك الأسير . وأنظر أحمد وأصحاب السنن . ( 10 ) - أنظر البخاري . كتاب فضائل الصحابة . باب فضل أبي بكر . ( 11 ) - أنظر المرجع السابق باب فضائل علي . ( 12 ) - المرجع السابق . |
الله عليه وآله وسلم ) من بني النضير . فاستب علي والعباس ( 13 ) . .
ويروى عن محمد بن الحنفية قال : قلت لأبي أي الناس خير بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : أبو بكر . قلت ثم من ؟ قال : ثم عمر . وخشيت أن يقول عثمان قلت ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين ( 14 ) . .
ومن خلال هذه الروايات وغيرها مما لا يتسع المجال لذكره هنا نخرج بالنتائج التالية : . .
- أن الإمام عليا تعمد إيذاء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم يسمع لقوله حين طلب منه النهوض للصلاة . .
- أن الإمام عليا عاند الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم يسمع لقوله حين طلب منه النهوض للصلاة . .
- أن الإمام عليا تغلب عليه الشهوة الجنسية . .
- أن الإمام عليا كان يجهل أحكام الوضوء . .
- أن الإمام عليا لم يرث شيئا من علم الرسول . .
- أن الإمام عليا يقر بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان . .
- أن الإمام عليا ليس شهيدا . .
- أن شرعية علي مستمدة من عمر . .
- أن الإمام عليا يلتزم بسنة الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه . .
- أن الإمام عليا سب العباس عم الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بسبب المال . .
- أن الإمام عليا يقر بأفضلية أبي بكر وعمر وعثمان عليه وهذا يعني اعترافا منه بشرعية خلافتهم .
وهذا يناقض روايات القوم الأخرى ووقائع التاريخ ( 15 ) . .
وليس هناك من هدف وراء هذه الروايات سوى هدم الصورة المثالية للإمام علي في أذهان المسلمين وهز مكانته الرفيعة في قلوبهم .
|
* هامش * |
|
|
( 13 ) - المرجع السابق . كتاب الفرائض باب 3 . وانظر كتاب الإعتصام بالكتاب والسنة باب 5 . وكتاب النفقات باب 3 . وانظر الترمذي كتاب السير . وأحمد ( 1 / 49 ) . ( 14 ) - البخاري . كتاب فضائل الصحابة . باب فضل أبي بكر . ( 15 ) - يروي أحمد سئل عبد الرحمن بن عوف : كيف بايعتم عثمان وتركتم عليا ؟ قال : وما ذنبي . قد بدأت بعلي فقلت أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة أبي بكر وعمر فقال : فيما استطعت ثم عرضتها على عثمان فقبلها . . أحمد ( ج 2 ) . وما يذكر هنا أن عثمان خرج على كتاب الله وسنة رسوله وسنة الشيخين . أنظر وقائع اختيار عثمان من بين الستة الذين حددهم عمر في كتب التاريخ . |
|