التحرر من الماضي الجماعات الإسلامية دفعتني إلى نبذ الماضي
لم أكن راضيا عن تلك الأطروحات السلفية التي تلقتها التيارات الإسلامية بالقبول ولم أكن راض عن مثالية السلف . إن مثل هذا التصور إنما هو ضد العقل فضلا عن كونه ضد الواقع والطبائع البشرية .
وتبينه سوف يؤدي إلى جعل العقل المسلم أسير الماضي . بالإضافة إلى جعله أسيرا لتصورات وهمية من شأنها أن تنعكس على واقعه محدثة تناقضا في السلوك والمواقف وسلبية في الأداء . وهو ما يشهد به واقع العمل الإسلامي . . ( 1 ) .
من هنا فقد كنت دائم الصدام مع الأطروحة السلفية منذ بداية نشأتي في الوسط الإسلامي وكانت النتيجة أن حكم علي بالزندقة وفساد العقيدة من قبل الرموز السلفية السائدة فترة معايشتي للتيارات الإسلامية .
كما صدرت تحذيرات لشباب الجماعات مني وتوصيات بوجوب مقاطعتي واعتزالي ولم تكن تعنيني تلك التحذيرات والإشاعات والأحكام التي صدرت في شخصي والتي تطورت فيما بعد إلى حملات هجومية تتبنى سلاح الطعن والتشويه .
فقد كان يشغلني أمر البحث عن مخرج لما أنا فيه من تيه بعد أن تيقنت أن هناك خللا ما في الأطروحة الإسلامية المعاصرة . . السائدة طوال تلك الفترة .
من بداية السبعينات وحتى منتصفها تقريبا كنت قد أصدرت عدة أحكام في كثير من كتب التراث المتداولة بين أيدينا وعلى رأسها كتاب العقيدة الطحاوية الذي يعد ركيزة التأسيس العقائدي لشباب الجماعات .
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) - أنظر كتابنا العقل المسلم بين أغلال السلف وأوهام الخلف . |
وكتاب العواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي . وهذان الكتابان من أهم كتب التراث التي أسهمت في تشكيل العقل المسلم وتأسيس التصورات التي قامت على أساسها الجماعات الإسلامية فيما بعد ( 2 ) .
وبالإضافة إلى هذين الكتابين كانت هناك كتب المدرسة الحنبلية وفي مقدمتها كتب ابن تيمية والتي أغرق الوسط الإسلامي بها وكانت في أغلبها توزع مجانا وخاصة على طلبة الجامعات ومعها كانت توزع كتب محمد بن عبد الوهاب ( 3 ) .
ولم تكن الرموز البارزة في الوسط الإسلامي آنذاك وعلى رأسها رموز الأزهر والأخوان المسلمين على الرغم مما كانت تشكله من قدسية في نفوس شباب التيارات الإسلامية - لم تكن تملك المقدرة على التصدي لهذا الزحف الفكري القادم من الصحراء والذي كان يختطف النشأ المسلم من عالم الحاضر ليلقي به في متاهات الماضي . بل استسلمت تماما لهذا الزحف ووقفت أمامه موقف المتفرج .
|
* هامش * |
|
|
( 2 ) - أنظر مناقشة هذه الكتب في كتابنا فقه الهزيمة وأنظر المرجع السابق . وكتاب العقيدة الطحاوية هدفه إلزام المسلم بعقيدة تخدم الخط السائد . والعواصم كتاب هدفه منع المسلم من الخوض في الأحداث المتعلقة بالصحابة حتى لا يزيغ بزعمهم وهو يحقق الهدف أيضا . .
( 3 ) - كان شباب الجامعات في مصر ركيزة الحركة الإسلامية في مصر . وكانت الكتب السلفية والوهابية تطبع في مصر عن طريق دور نشر سلفية وإخوانية . أنظر كتابنا الحركة الإسلامية في مصر . |
|