متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
6 - حول الإمامة والخلافة بين عباسي وعلوي
الكتاب : نظرات في الكتب الخالدة    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

 6 - محاورة حول الإمامة والخلافة بين عباسي وعلوي
----------------------------- ص 80 -----------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم
----------------------------- ص 81 -----------------------------

هذا الكتاب الذي نقدمه للقراء يعتبر على الرغم من ضئالة حجمه من أعظم الكتب التي تعطينا صورة واضحة المعالم لهذا الصراع العنيف الذي كان بين الشيعة وأهل السنة في القرن الخامس الهجري ، وهو صراع عقدي يقوم على أساس من الحجج والبراهين وطرح العويص من المشكلات عند الطائفتين ، ابتغاء نيل كل طائفة من أختها ما تريد من غلبه وانتصار .

وقد أشرت إلى شئ من مظاهر هذا الصراع العقدي في كتابي ( الآداب الإقليمية ( 1 ) عندما تعرضت للحديث عن حالة الحياة الأدبية في الحجاز في الفترة ما بين القرن الرابع والقرن السابع الهجري .

وقد لاحظت أن الغلبة وبعد الصيت كانا للعلويين في أواسط القرن الرابع حين كان العالم الإسلامي إلا القليل جدا منه كان في يد العلو بين فكانت مصر في يد الفاطميين وكان العراق وبلاد العجم وخراسان وما جاورهما في يد البويهيين ، وكان الشام في يد الحمدانيين ، وكان الحجاز نفسه في يد حكام من العلويين .

و ناهيك بخطورة هذه الغلبة العلوية وقيمتها التاريخية إذا عرفت أن القرن الرابع الهجري كان يمثل قمة الحضارة الإسلامية في تاريخ الإسلام كما أشار إلى ذلك آدم متز الألماني وبار تولد الروسء وغيرهما من مؤرخي الحضارات

 

 1 - الآداب الإقليمية : صاحب هذه الكلمة ص 166 و 177 و 178

 
 

- ص 82 -

فلما كان القرن الخامس وأخذت الدولة البويهية يتقلص ظلها شيئا فشيئا الفاطميون ينتابهم بعض الضعف حدث هذا الصراع العقدي بين الشيعة العلويين والسنة في العالم الإسلامي ، وانطلقت حدث شرارة الفتنة بين الطائفتين في شرقي العالم الإسلامي حيث الدولة السلجوقية ، وقريب منها شعوب كثيرة تدين بالولاء للعلويين وكان عصر الملك ( ملك شاه السلجوقي ) ووزير العظيم ( نظام الملك ( 1 ) الذي قتل 486 ه‍ -

من أبرز الفترات التي اشتد فيها الصراع في القرن الخامس ولكن هذا الصراع لم يجمد عند هذه المنطقة من شرقي العالم الإسلامي بل تجاوز ذلك و امتد حتى وصل إلى غربي العالم الإسلامي حين استقر في قلب الجزيرة العربية في نفس الوقت الذي كان يعيش فيه السلطان ملك شاه ووزيره نظام الملك .

وليس أدل على صدق ما ندعيه ما أورده المؤرخ الموسوعي ابن تغرى بردى الأتابكي وهو يحكي سيرة أحد حكام مكة في حوادث سنة 487 ه‍ وهو الشريف محمد بن أبي هاشم أمير مكة ، حيث قال : ( وفيها توفي الشريف أمير مكة محمد بن أبي هاشم ، كان ظالما جبارا فاتكا سفاكا للدماء سرفا رافضيا سبابا خبيثا متلونا تارة مع الخلفاء العباسيين ، وتارة مع المصريين ، وكان يقتل الحجاج ويأخذ أموالهم ) . . . إلى أن قال وقام بعده ابنه هاشم ( 2 ) .

 

 1 - أنظر وفيات الأعيان ج 2 ص 128                    2 - النجوم الزاهرة : للأتابكي ج 5 ص 140

 
 

- ص 83 -

وهذا النص يدلنا دلالة قاطعة على مدى ما بلغه الصراع بين السنة والشيعة في عصر الوزير نظام الملك ، وأن هذا الصراع انطلق من شرقي العالم الإسلامي وما كاد ينطلق حتى لف العالم الإسلامي كله وبلغ قلب الجزيرة العربية حين كان يحكمها العلويون ، كما يدل في نفس الوقت على ما بلغه المتعصبون من الطائفتين من التبجح بالعصبية التي نهى عنها النبي وفيها يقول النبي عليه السلام : ( ليس منا من دعا إلى العصبية ) الأمر الذي بلغ بالشيعة أن ينعت أهل السنة إخوانهم الشيعة بالرافضة .

وما زال هذا الخلاف المنكر يزداد يوما بعد يوم ويستفحل أمره حتى أودى بالخلافة العباسية في بغداد سنة 656 ه‍ .

وقد شاءت رحمة الله بالأمة أن قيض لها منذ فجر العصر الحديث رجالا يرأبون هذا الصدع ، ويقربون بين الطائفتين في حوار علمي بناء يخدم الطائفتين ويزيل ما علق بهما من رواسب الماضي من بغضاء وسخائم . وقد كان لنا - والفضل الله وحده - أبحاث ومقالات وكلمات ومقدمات دعونا فيها إلى التقريب بين شقي الأمة .

ولنعد إلى ما كنا بصدده من موضوع هذا الكتيب الصغير في حجمه الثمين في معناه قيمة التاريخية .
فأما موضوعه فهو : حوار بين علوي وعباسي حول الإمامة والخلافة وأما الزمان فقد كان في أواخر القرن الخامس الهجري ، وفي عصر السلطان ملك شاه السلجوقي .

- ص 84 -

وأما المكان فهو بغداد عاصمة الخلافة العباسية وأما المجلس فقد ضم وجهاء العلويين ، ووجهاء أهل السنة وقد كان موقف الوزير نظام : الملك موقف ، المنظم للحوار والحكم العادل بين المتحاورين والوزير نظام الملك من أعظم شخصيات القرن الخامس الهجري ، وهو غني عن الإشارة والتعريف ويكفيه من المفاخر والمآثر أنه أول من وضع فكرة ( المدرسة ) ونواة ( الجامعة ) في تاريخ الثقافات الإسلامية وهو المؤسس للمدرسة النظامية في بغداد وقد حباه الله بعقيدة وسط ، جمع فيها بين منهج الأتباع الذي يدين به أهل السنة ، ومنهج حرية النقد الذي يدين به الشيعة .

وعلى الرغم من هذه المنزلة التي حباه الله بها ، فإنه لم يأمن شرور الحاقدين عليه حيث لقى مصرعه - ظلما وعدوانا - في عام 485 ه‍ كما نص على ذلك ابن خلكان .

وقيمة هذا الكتيب الضئيل في حجمه لا تتجلى في تصوير هذا الصراع العقدي الذي أشرنا إليه بل ترتكز حول شخصية هذا الوزير الجليل ، وحول أمانته العلمية في الفصل بين المتجاورين ، وفي إدارة دفة الحوار في حرية تامة وموضوعية نزيهة بغية توضيح العقيدة عند الطرفين المتنازعين ، مع تدعيم كل رأي منهما بالمصادر والمراجع .

ونحن في هذا المقام لا يعنينا انتصار أحدهما الآخر ، بقدر ما يعنينا من إبراز مكانة الإمام علي رضي الله عنه ومقامه المتفق عليه في علوم الإسلام وإنه كان من أصحاب الرسول بمنزلة الروح من الجسد

- ص 85 -

وقد كان للناشر الأديب والبحاثة المتتبع الأستاذ مرتضى الرضوي الحسيني فضل السبق في التنقيب عن هذا الكتيب وقد كان أول العهد به أنه عثر على نسخته وهي مخطوطة في مكتبة الأمير راجا محمود آباد في الهند بخط مؤلف الكتاب الأمير شبل الدولة مقاتل بن عطية ، لختن الوزير نظام الملك وكان تاريخ العثور على هذه النسخة المخطوطة هو عام 1200 من الهجرة النبوية .

ثم عهدت إدارة النشر والتأليف الدينية في سادات كالوني كراجي رقم 25 إلى خطاط كتبه ، وطبع في الأوفست في مطبعة سنده أفست مير نترزمشن رود كراجي بقطع 14 * 21 سم في 48 صفحة وذلك عام 1977 م ثم قام أحد علماء الإمامية في بيروت بطبعة في حجم الثمن بقطع 5 و 11 * 5 و 17 سم في 80 صفحة ، ثم أعيد طبعه بالأوفست في إيران عام 1399 ه‍ بنفس الحجم السابق .

 أما عنوان الكتاب فقد طبع في المرة الأولى في كراتشي تحت عنوان : ( كتاب مؤتمر علماء بغداد ) وكذلك طبع بنفس العنوان في الطبعتين التاليتين ، أما هذه الطبعة فقد أشرت على السيد الناشر أن يجعل عنوان هذا الكتاب ( محاورة حول الإمامة والخلافة بين عباسي وعلوي ) ليكون العنوان مطابقا لمحتوى الكتاب ، لأن كلمة مؤتمر لم تكن تستعمل في ذلك العصر ، وهي من ألفاظ الحضارة التي استحدثت في زمننا هذا وهذا لا يؤثر في الأمانة التاريخية والعلمية ، لأن هذا العنوان كان من اختراع الناشر الأول حين نشره للمرة الأولى عام 1377 ه‍ ، وتابعه الناشر الثاني في بيروت وإيران

- ص 86 -

والآن يقوم السيد الأخ الناشر السيد مرتضى الرضوي بطبعه للمرة الرابعة في القاهرة في هذه الصورة الجميلة في صورة منسقة وإخراج جديد تحت تحت العنوان المذكور ليكون علامة على الطريق في تاريخ هذا الصراح بعامة ، وتاريخ الشيعة الإمامية بخاصة وبالله التوفيق .

القاهرة في 10 من شوال سنة 1399 ه‍


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net