4 - الشيعة يحتوي على مجمل عقائد الشيعة الإمامية ----------------------------- ص 52 ----------------------------- بسم الله الرحمن الرحيم ----------------------------- ص 53 -----------------------------
بعد عودتي من الجزائر في أواخر شعبان سنة 1398 من هجرة سيد الأنبياء التقى بي في القاهرة الأخ الكريم السيد مرتضى الرضوي وأهداني مجموعة من كتب السادة الإمامية ومن بينها كتاب : ( معتقدات الشيعة الإمامية ) وما كاد نظري يقع عليه حتى تناولته بالقراءة الفاحصة وشدني ما فيه دراسة مستفيضة عن مذهب الإمامية .
كما أعجبني ما اعتز به مؤلفه سماحته العلامة السيد محمد صادق الصدر من جراءة في القلم وشجاعة في الأسلوب وغيره على الحق وقد ضاعف من دفعي على تسطير هذه المقدمة مما جبلت عليه من ميل شديد للتقريب بين شقي أمة محمد صلى الله عليه وآل وسلم لقول الله سبحانه ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) من وحي هذه الآية الشريفة من آي الذكر الحكيم نصدر هذا الكتاب ، دعوة إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية ، وإقرارا لكل مذهب من المذاهب الفقهية على ما لديه من المسائل الفرعية ، وتثبيتا لما عنده من اجتهاد في الأصول ، وفي تصور العقيدة الصحيحة في العمق واليقين الذي هداه الله إليه ما دام هدف هذه المذاهب الإسلامية هو التوحيد الأكبر الذي ندعو إليه في جميع كتاباتنا
ولا يضير أي مذهب الاختلاف في القضايا الفرعية وفي درجة العمق في مفاهيم الأصول والقيم الإسلامية لأن المدار كل المدار هو التوحيد الأكبر الذي يتبلور حول الإيمان بالله ورسوله وكتبه وملائكة وبالقضاء خيره وشره حلوه ومره مع توحيد عملي يجمع بين هذه المذاهب في كون الصلوات المفروضة خمس صلوات وفي وجوب الزكاة ، وفي صوم شهر رمضان ، وفي حج بيت الله سبحانه لمن استطاع إليه سبيلا وليس هناك أدنى تبرير لما يثيره أهل العصبة من هذه المذاهب من تعصب كل مذهب لرأيه ما دامت قضايا الاختلاف لا تتجاوز الفروع واختلاف وجهات النظر فهم النصوص ، وهو حق مشروع لكل من ملك أدوات الاجتهاد من أئمة المذاهب الإسلامية الذين وصلوا بعلمهم وأخلاقهم واجتهادهم إلى التمسك بالمفهوم الأقرب إلى جوهر النصوص الشرعية فإذا حدث اختلاف بينهم في هذه المفاهيم فإن ذلك دليل على عظمة الله والإسلام واتساع باب الاجتهاد فيه وليس كما يعتقد الآخرون من أنه : دليل الوهن والضعف والاضطراب ما دام المجتهد - كما قلنا - يملك عن يقين أدوات الاجتهاد وعلومه من شرعية ولغوية وبلاغية وأصولية والمسوغ الأعظم لهذا الاجتهاد بأخذ شرعيته من قول الرسول الأعظم سيدنا محمد صل الله عليه وسلم ( واختلاف أمتي رحمة ) ومع أن الحديث الذي تقرر فيه الرسول الأعظم
مشروعية الاجتهاد ويضع فيه الفقهاء أمته الأكارم منطلق الفتوى ولفتح لهم فيه باب الاجتهاد في فهم النصوص . . .
أقول : مع أن الحديث ليس من الأحاديث البالغة درجة الصحة في السند إلا أنه - كما نص عليه الإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي رحمه الله - من الأحاديث البالغة من الشهرة والجريان على ألسنة الراسخين في العلم درجة تقرب من درجة الأحاديث المتواترة ولهذا الحديث الشريف ما يؤثره من القضايا العلمية في الإسلام فقد ثبت أن المصلح الأكبر صلوات الله عليه حين بعث بصاحبه الذكي ( معاذ بن جبل الأنصاري ) إلى اليمن ليعلم أهلها أمور دينهم ، ويفقههم في قواعد الإسلام وأخلاقياته ويقضي بينهم على أساس من مبادئ الإسلام . . سأله النبي صاحبه - وقد كان معاذ في ذلك الوقت من شباب أصحاب رسول الله وقد كان النبي عليه السلام يحبه كثيرا وقد قبله مرة بين عينيه وهو يقول : اللهم إني أحب معاذا فأحبه فإذا قال النبي لهذا الصحابي حين بعث به إلى اليمن ؟ وقد كان معاذ ثالث ثلاثة أرسلهم النبي إلى اليمن على فترات أولهم في المكانة ابن عمه الإمام علي وثانيه هو معاذ بن جبل وحين عزم النبي إلى أن يبعث به إلى هذه البلاد قربه منه وبادره بقيله الشريف : كيف تقضي يا معاذ ؟ فأجاب معاذ بكتاب الله تعالى .
فقال النبي - وهو العارف بأصول كل شئ من ربه - : فإن لم تجد في كتاب الله ؟ قال معاذ : فبسنة رسول الله قال : فإن لم تجد قال : أجتهد ولا آلو فضرب النبي بين كتفيه وهو يقول : الحمد لله الذي عرف رسول ، رسول الله إلى ما يرضى الله ورسوله .
وهكذا قد تبين لقارئنا الإسلامي الحصيف سنيا كان أو شيعيا أن الاختلاف بين المذاهب الإسلامية ونعني بذلك المذاهب الفقهية - أو جائز لا لبس فيه ولا عرج ولا خروج عن أصول الشريعة ، استمدادا من هذين الحديثين الشريفين وأولها من أحاديث الأقوال والثاني من تقريرات المربي الأكبر صلى الله عليه وسلم .
أفبعد ذلك يتقول متقول أو يتهكم على مذهب من المذاهب الفقهية ما دامت قواعد الاجتهاد واحدة وما دامت عقيدة التوحيد الأكبر واحدة وما دام النبي صلوات الله عليه أقر مبتدأ الاجتهاد ودعا إليه وما شرحناه لك في الأحكام الفقهية ينسحب على استمداد الأحكام الأصولية وأدلة التوحيد ووسائل الاعتقاد وطرائقه .
|
المذاهب الفقهية المعتمدة هي : المالكية والحنفية والإمامية والشافعية والحنابلة والأباضية والزيدية والظاهرية . |
| |
ويكاد الاختلاف في استمداد الأصول يتعدد بتعدد المذاهب الفقهية فهناك العقيدة الأشعرية المنسوبة لأبي الحسن الأشعري ، والعقيدة الماتوريدية المنسوبة إلى أبي منصور الماتوريدي ، وهناك العقيدة الاعتزالية والكلابية .
والعقيدة الواسطية المنسوبة إلى أتباع بن تيمية وأتباع محمد بن عبد الوهاب ، وهناك العقيدة الزيدية ، والعقيدة الإمامية المنسوبة إلى الإمام جعفر بن محمد الصادق سلام الله عليه ، وكلهم جميعا من أهل النجاة إلا إذا استثنينا المكفرة الذين كفروا عليا المؤلهة الذين ألهوه .
وهذا الاختلاف في استمداد أصول العقيدة لا يضير جوهر العقيدة في شئ لأن المنطلق العام الذي يشمل هذه المذاهب واحد في جوهره وهو : التوحيد الخالص وتنزيه الله سبحانه عن الاتصاف بصفات الحوادث ، وأنهم جميعا ينفقون في نسبة الكمال المطلق إليه سبحانه فإن حاججنا محتج أو عارضنا معترض قائلا كيف بك تدعي السلامة لهذه المذاهب جميعها والرسول صلوات الله عليه يقول : افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى إلى اثنين وسبعين فرقة وتفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا فرقة واحدة ونحن في ذلك لا نقول بما قاله عامة العلماء من أن الفرقة الناجية هي الشيعة وحدها أو أهل السنة وحدهم ، بل الذي نراه مقصودا من عبارة الفرقة الناجية هو : ( أهل الاعتدال )
من هذه الفرق جميعا لا نستثني منهم إلا المؤلهة ، والغالية والحلولية وبعض المنسوبين إلى الكيسانية ، والمكفرة الذين كفروا الإمام علي ونضيف إليهم في عصرنا الحديث البهائية الذين زعموا نبوة الباب ، والقاديانية الذين أدعو نبوة غلام أحمد ذلك هو رأينا الذي ندين الله عليه ، وهو في نظرنا الرأي الصواب الذي يتمشى مع ما جاء في أحاديث المبشرات الدالة على أن نبينا صلوات الله عليه هو سيد أولي العزم من المرسلين وآل بيته هم خير آل وأمته خير الأمم وأكثرها عددا يوم القيامة ولقد أثار العلامة الصدر في كتابه القيم قضايا كثيرة تتعلق بما بين شقي الأمة من خلافات أكثرها - في نظرنا - من القضايا النسبية وهذه القضايا يمكن تقسيمها إلى شرعين رئيسين : الأول : قضايا الدفاع ضد ما رمي به الشيعة من مفتريات وتخرصات نسبت إليهم ظلما . الثاني : قضايا اجتهادية تتعلق باستمداد الأصول وفلسفة التوحيد أما القضايا المتعلقة بدحض ما افتري على الإمامية من تخرصات فإن المؤلف كان في هذا موفقا درجة لا تضارع من الحق والغيرة على فرقة مؤمنة من الفرق الإسلامية وله كل العذر وإذا احتد أو اشتط به الحماس ، أو أخذته الحمية لأن الدفاع عن سلامة الإيمان لا يقل عن الدفاع عن النفس والعرض والمال .
وقد أشار سيد الأنبياء في أكثر من حديث أن تكفير المؤمن كقتله تماما وشدد النكير على هؤلاء النفر الذين يكفر بعضهم بعضا ولهذا فإن له في هذا الموقف عذره لأن الكثير من الباحثين كانوا أشبه بحاطب ليل خاضوا في الحكم على الإمامية وهم من فرق الشيعة المعتدلين دون أن يميزوا بين المعتدلين من الشيعة و المتطرفين من الفرق كالمؤلهة والحلولية والكيسانية ووقع أمثال هؤلاء في أخطاء جسيمة وتبعات ضخمة كانت سببا في إحداث الفرقة بين طوائف الأمة .
وحق للمؤلف أن يرفع عقيرته دفاعا عن الحق ودحضا لهذه المفتريات أما القضايا المتعلقة بفلسفة التوحيد فقد كان موقف المؤلف فيها يختلف عن موقفه من قضايا التخرصات التي رمي بها الشيعة الإمامية : قفد تناول قضية من أشق القضايا التي تعثر فيها العلماء قديما وحديثا وهي آيات الصفات التي وردت في القرآن فقد ذكر فيها أن أهل السنة يعتبرون في عداد المجسمة الذين لا يؤولون الآيات حين يذهبون في قوله - مثلا - الرحمن على العرش استوى بمعنى جلس ، ويداه مبسوطتان بمعنى له يدان ، وكحديث نزول الله إلى سماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل .
بينما يرى أن الشيعة - وحدهم - يؤولون هذه الآيات تنزيها لله عن التجسيم والتشبيه لصفات الحوادث فاستوى بمعنى استولى ويفسرون يده بمعنى قدرته .
والحق أن الفريقين لا يختلفان في التنزيه في فهم آيات الصفات . وأن المجسمة ليسوا ليسوا جميع أهل السنة وأنما ينحصرون في أتباع ابن تيمية ،
وينسبون هذا التفسير ظلما للإمام أحمد ابن حنبل ، ولم يفهموا المراد من قول السلف . له يد ولا كأيدينا وله استواء ولا كاستوائنا . وبذلك قال مالك حين سئل عن الاستواء فقال ( رض ) . الاستواء معلوم والكيف مجهول ، والسؤال عنه بدعة ثم أمر بإخراج السائل من مجلسه . ويقال هذا الرأي المعطلة - والحق أن المعطلة لا وجود لهم بين الشيعة المعتدلين .
ومن هنا يتبين لنا أن الخلافات في فبهم آيات الصفات خلافات نسبية وأن المعتدلين من الفريقين يقصدون تنزيه الله فعلا ونصا . وكل منهما نظر إلى قضية التنزيه من زاوية معينة . فأهل السنة الأوائل حجتهم الأخذ بالظاهر لأن النص يؤيده . والشيعة أخذوا بالتأويل لأن التنزيه يؤيد .
وقد أوضحت في كتابي تاريخ الأدب في العصر العباسي الأول أن العقيدة المثالية في تفسير آيات الصفات هو الجمع بين الظاهر والباطن أي بين ظاهر النص وهو ما ذهب إليه فقهاء القرن الثاني حين يقولون له استواء ولكن لا كاستوائنا وله سمع ولكن لا كسمعنا وله يد ولكن لا كأيدينا . يؤيده قوله تعالى : ليس كمثله شئ وبهذا يبطل التناقض بين رأي السلف في الأخذ بالظاهر ورأي المعتزلة في التأويل والتنزيه .
وكان بهذا القول يأخذ مالك وما أحسب ذلك إلا آخذا عن الإمام الصادق سلام الله عليه .
وقد كان أستاذ هذه الطبقة من الاجتهاد المطلق ونحن نوافق المؤلف من أن فلسفة التنزيه نمت وتوسع فيها المعتزلة ولكننا لا نوافقه من أنها نشأت وولدت في بيئتهم العلمية بل هي من نتاج أئمة آل البيت فالمعتزلة تلاميذ واصل بن عطاء وهذا : تلميذ أبي هاشم . وأبو هاشم تلميذ والده محمد بن الحنفية ومحمد بن الحنفية تلميذ والده جد الأئمة علي ابن أبي طالب . وعلي رضي الله عنه هو أول من قال في حق الباري سبحانه : من وصف الباري فقد حده ومن حده فقد عده .
فظاهر هذه الآيات لا تنافي التنزيه كما أوضحنا وبهذا تصبح الخلافات شكلية نسبية . الأمر الذي سنوضحه في كتابنا ( قضايا نسبية في الإسلام ) أما نقد الصحابة فقد أشبعت هذه القضية توضيحا وشرحا في مقدمتنا لكتاب الأستاذ أسد حيدر تحت عنوان : ( الصحابة في نظر الشيعة الإمامية ) ( 1 ) .
|
1 - هذا الموضوع ذكر ( العلامة الأستاذ الشيخ أسد حيدر في كتابه الخالد : ( الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ) ولعل الله يوفقنا للقيام بنشره إن شاء الله |
| |
وقد أثبت في هذه المقدمة أن الإمامية يقدمون المنهج العلمي على المنهج الأخلاقي شأنهم في ذلك شأن تلاميذهم من المعتزلة بينما يؤثر أهل السنة المنهج الأخلاقي ويقولون : بعدالة الصحابة جميعا وأن بساطهم مطوي .
والحق الذي نراه أننا نقر من كلام السادة الإمامية نقد الأفعال والسياسة أما أفعال القلوب ودرجة الإيمان فإنها من شأن العليم الخبير وحده وقد نهى النبي عن إرسال الأحكام بالمدح أو الذم بقوله - فيما جاء من معنى الحديث لا تحكموا على أحد حتى تعلموا بما يختم له وفحوى الحديث كله نهى عن الحكم على ما في قلوب أصحابه اللهم إلا من جاء النص دالا على نفاقهم أو خروجهم عن ربقة الإسلام وحديث المؤلف عن أفضلية الإمام علي على سائر الصحابة من الأقوال المأثورة عن أكثر الراسخين في العلم والعارفين بأحاديث المناقب وقد أحصيت أكثر من مائة وثلاثين حديثا في مناقب الإمام .
وموضوع الاختيار والجبر ، وهل الإنسان مخير أم مسير ؟ قضية لا تمس كرامة المعتدلين من الشيعة الإمامية من أتباع الإمام الصادق . كما لا تمس كرامة المعتدلين من أهل السنة وإنما تمس المعتزلة وحدهم القائلين بأن الإنسان يقدر أفعاله أي يخلقها ولا دخل لله فيها وهم الذين نعتهم النبي بقوله : ( مجوس هذه الأمة ) . بخلاف المعتدلين من أهل السنة . والمعتدلين من الشيعة فأهل السنة يقولون بالجزء الاختياري ، والشيعة يذهبون مذهب جدنا الإمام الصادق سلام الله عليه :
لا جبر ولا اختيار ولكن منزلة بين المنزلتين وهذا هو الصواب بخلاف المتطرفين من أهل السنة الذين هم في عداد الجبرية وبخلاف المتطرفين من الشيعة الذين هم في عداد القدرية أو المعتزلة الذين يقولون بخلق أفعال أنفسهم وبذلك ارتفع النزاع في قضية الجبر والاختيار عند المعتدلين من شقى الأمة .
وقضية أخرى من أعوص القضايا التي تنازع فيها الفريقان ونعني بذلك الأحاديث التي تخالف ظاهر المعقول كالتي فيها معنى التجسيم أو رؤية الإنسان لله في الجبة بعيني رأسه أو الأحاديث التي يناقض ظاهرها ظاهر الأحاديث الأخرى أو الأحاديث التي على سهوه عليه السلام كحديث ذي اليدين ، فإن ذلك ونحوه لا يمثل خلافا حقيقا بالفريقين .
لأن أحاديث النبي أعمق من أن تصدر فيها الأحكام السريعة فأما الأحاديث التي في ظاهرها التجسيم فإنه قصد بها التصوير والتوضيح إن صح سندها والأحاديث الدالة على رؤية الله ، الجنة تؤول أن المقصود هو رؤية البصيرة لا الباصرة ورؤية التجلي لا رؤية الإحاطة . وقد أوضحنا ذلك في كتابنا ( الإسراء والمعراج ) .
والأحاديث الدالة على جواز السهو على الرسول المقصود بها التشريع وتعليم أصحابه . وهذا ما تؤيده فلسفة التربية على ما أوضحناه في غير هذا المكان حتى قال
بعضهم قد ينسى أو ينسى ليشرع وليس للنسيان في ذاته لأن المعصوم لا يوصف بالنسيان إلا من زاوية خلق المناسبة ليشرع .
وأما الأحاديث المتناقضة فإن ما فيها من تناقض يعتبر تناقضا ظاهرا كحديث مزمارة الشيطان المروي عن عائشة وحديث دعاء النبي على من ينشد ضالته في المسجد . فالأول قصد به إدخال السرور على الأسرة . والثاني قصد به النهي عن الاشتغال بغير العبادة في الأماكن المخصصة للصلاة .
وفي ختام هذه الكلمة أحب أن أشد يد المؤلف مهنئا فيما بسطه من نقده لفلسفة القياس في الفقه الإسلامي ولا يزعجني في شئ أني حنفي المذهب وأن الذي تناوله المؤلف بالنقد هو الإمام أبو حنيفة النعمان وهو تلميذ جدنا الإمام الصادق رضي الله عنه .
فما أحسب شيئا وفق فيه المؤلف كتوفيقه في استعراض هذه القضية في صورة موضوعية . وحقا ما قاله أن الدين لا يؤخذ بالقياس ، وأن جميع من قاسوا من أهل الشرائع السماوية كان مآلهم الخطأ فيما اجتهدوا فيه . فقد قاس آدم عليه السلام فأخطأ حين قاس عدم القضاء في الصوم على عدم القضاء في الصلاة حين سألته حواء وحين قاس إبليس خلقه من نار بخلق آدم من طين ففضل نفسه عليه .
وحين أوضح الإمام الصادق بطلان القياس في الفقه بدليل أن الله قبل في فتل النفس شهادة شاهدين ين ولم يقبل في الزنا إلا شهادة أربعة .
فأنى يقوم القياس مع أن جريمة القتل أعظم من جريمة الزنا فإن هذه المسائل من المسلمات المروية عن الصادق في بطلان القياس وأن منهج الدين الصحيح هو التسليم والاتباع وليس القياس والابتداع والحق أن القياس لا يصح إلا عند فقدان النص وهو نادر والنادر لا حكم له أما فيما يتعلق برواية أبي هريرة ونعت أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة يسيرون على غير هدى .
فإن لنا على المؤلف الجليل عتبا ونحن في هذا المجال نعمل على لم الشعث وأخذ المسائل أخذا هينا ميسرا حتى نرأب الصدع ونزيل الحواجز والحمد لله الذي جعلنا أهل رتق ولم يجعلنا أهل فتق ، والمستقبل كفيل با تمام هذا الشوط من الدعوة إلى التقريب في صورة علمية مقنعة تزيل كل ما في النفس من رواسب الماضي التي أحدثها المفرقون بين شقي هذه الأمة ، وكلنا رجاء أن يتم هذا البناء ويتوحد هذا الصف حتى لا نقع في أحبولة قوله عليه السلام من شذ شذ في النار ، والله من وراء القصد
|
( 1 ) القاهرة : ( في 5 / 8 / 1978 ) | |
|