متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
2 ـ مشاكل البعث
الكتاب : السقيفة    |    القسم : مكتبة رد الشبهات
ـ 2 ـ

لشد ما يعتلج العجب في نفوس المتفكرين من هذا الحادث ، فيعجب الانسان .
« اولا » ـ ان تسند قيادة اعظم جيش اسلامي يومئذ ، في ذلك الظرف الدقيق الذي وصفناه ، في مرض النبي ، إلى شاب يافع لم يتجاوز العشرين من سنيه ( على جميع التقادير ) ، وهو لم يجرب الحروب بعد وبالاصح لم تسند إليه قيادة من هذا النوع ولا من نوع آخر . والجيش معبأ لجهاد اقوى اعداء الاسلام في ذلك الموقع البعيد عن العاصمة الاسلامية .
« ثانيا » ـ أن يؤمر هذا الفتى ، مع ذلك ، على شيوخ المسلمين الذين فيهم قواد الحروب ورؤساء القبائل واصحاب النبي الذين يرون لانفسهم مقاما اسمى ومنزلة رفيعة . ويرشحون انفسهم لمنصب هو أعظم كثيرا من منصب قائدهم الصغير هذا .
« ثالثا » ـ ان يتباطأ المسلمون عن الالتحاق بهذا البعث بالرغم على اصرار النبي وتشديده النكير على المتخلفين ولعنه


( 79 )

اياهم . ويكفي ان نعرف ان البعث وقع قبيل شكاته أو في أولها وقد استدامت علته اربعة عشر يوما ( على اوسط التقادير ) . وفي كل هذه المدة الطويلة يثاقل القوم عن الخروج . وقد عسكر قائدهم الفتى بالجرف ، وهو عن المدينة بفرسخ واحد ( بعد ان عقد النبي له الراية بيده الشريفة ) ينتظر جيشه المتمرد ان يجتمع إليه ، فتخلق الاشاعات عن حال النبي فيرجع اسامة إلى المدينة برايته فيركزها على باب النبي ، ولكن الرسول في كل مرة يأمره بالعودة ويحث القوم على الالتحاق به . ولكنه في اليوم الاخير يرجع مرتين في المرة الاولى يأمره النبي بالسير قائلا : ( اغد على بركة الله تعالى ) فيودعه ويخرج ، وفي المرة الثانية يرجع ومعه عمر وأبو عبيدة فيجد النبي يجود بنفسه ، ثم يلتحق بالرفيق الاعلى .
فماذا دهى المسلمين حتى خالفوا الصريح من أمر النبي هذه المدة الطويلة من غير حياء منه ولا خجل ولا خوف من الله ورسوله وتوطنوا على غضبه ولعنهم جهارا ، أتراهم استضعفوا النبي وهو مريض شاك فتمردوا عليه ، أم ماذا ؟
« رابعا » ـ ان ينكر هؤلاء المسلمون على نبيهم تأميره لهذا الفتى ، ثم لا يرتدعون ان نهاهم عن ذلك . وليس لهم على كل حال حق هذا الانكار إذا كانوا حقا قد تغذوا بتعاليم


( 80 )

الاسلام وعرفوا ان النبي لا ينطق عن الهوى وما كان لهم الخيرة .
( خامسا ) ـ ان النبي قد علم بقرب أجله ويعلم ان الفتن قد أقبلت كقطع الليل المظلم ، فكيف يبعد جيشه وقوته عن العاصمة ومركز الدعوة ، بل كيف يخلي المدينة من شيوخ المهاجرين والانصار وزعمائهم واهل الحل والعقد منهم .
فلا بد أن يكون كل ذلك لامر ما عظيم ، اكثر من هذه الظواهر التي يتصورها الناس .

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net