سؤال: فإن قال قائل: فلم ذهبتم في مسح الرأس والرجلين إلى التبعيض ؟
جواب: قيل له: لما دل عليه من ذلك كتاب الله سبحانه، وسنة نبيه صلى الله عليه وآله:
أما دليل مسح بعض الرأس فقول الله تعالى :( وامسحوا برءوسكم ) (67) فأدخل الباء التي هي علامة التبعيض، وهي التي تدخل على (68) الكلام مع استغنائه في إفادة المعنى عنها، فتكون زائدة؛ لانه لو قال: وامسحوا رؤوسكم، لكان الكلام صحيحاً، ووجب مسح جميع الرأس، فلما دخلت الباء التي لم يفتقر الفعل في تعديه إليها، أفادت التبعيض.
وأما دليل مسح بعض الارجل: فعطفها على الرؤوس، والمعطوف يجب أن ____________ (64) التهذيب 63:1|175، والحديث عينه مروي عن أنس والشعبي.
انظر: الدر المنثور 262:2. (65) انظر: الدر المنثور 262:2، تفسير الطبري 82:6، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ 27:2، التهذيب 63:1|176. (66) انظر: تفسير النيسابوري بهامش الطبري 73:6، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ 25:2، نيل الاوطار 193:1، سنن أبي داود 42:1|164، التفسير الكبير ـ للفخر الرازي ـ 161:11.
واُنظر: التهذيب 1 : 65 / 184، الاستبصار 64:1|191، الكافي 24:3|1. (67) سورة المائدة 6:5. (68) في الاصل: في.
(37)يشارك المعطوف عليه في حكمه (69).
واما شاهد ذلك من السنة: فما روي أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله توضأ فمسح بناصيته، ولم يمسح الكل (70).
ومن الحجة على وجوب التبعيض في مسح الرؤوس والارجل: إجماع أهل البيت عليهم السلام على ذلك، وروايتهم إياه عن رسول الله جدهم صلى الله عليه وآله (71)، وهم أخبر بمذهبه.
سؤال: فإن قال قائل: ما الكعبان عندكم اللذان تمسحون إليهما ؟
جواب: قيل له. هما العظمان النابتان في ظهر القدمين عند عقد الشراك، وقد وافقنا على ذلك محمد بن الحسن (72)، دون من سواه (73).
دليلنا: ما رواه أبان بن عثمان، عن ميسر، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال :«ألا أحكي لك وضوء رسول الله صلى ا لله عليه وآله» فمسح ____________ (69) العطف بالواو يقتضي التشريك في الحكم مطلقاً.
قال الشافعي وابن عمر وإبراهيم والشعبي: يجب أن يمسح من الرأس ما يقع عليه اسم المسح، واحتج المخالفون لقولهم، بأن الباء الداخلة على الرؤوس للالصاق، والمعروف أن باء الالصاق إنما تدخل على الافعال غير المتعدية بنفسها، مثل: مررت بزيدٍ، وذهبت بعمرو، أما إذا كان الفعل متعدياً بنفسه كالمذكور في الآية، فلا مناص أن التبعيض هو المراد، كما قال جل وعلا في سورة الانسان (6:76) : (عيناً يشرب بها عباد الله ) .
اُنظر رصف المباني:473، الجنى الداني في حروف المعاني: 158، التفسير الكبير ـ للفخر الرازي ـ 160:11، الجامع لاحكام القرآن ـ للقرطبي ـ 88:6، مجمع البيان ـ للطبرسي ـ164:2. (70) أحكام القرآن ـ للجصاص ـ 342:2، الكشاف ـ للزمخشري ـ 610:1، مجمع البيان ـ للطبرسي ـ 164:2. (71) التهذيب 90:1|237، الاستبصار 61:1|182و 62|5، الكافي 25:3|5، تفسير العياشي 298:1|51. (72) محمد بن الحسن بن فرقد ، من موالي شيبان، إمام بالفقه والاصول، وهو الذي نشر علم أبي حنيفة، ولد بواسط وعاش في الكوفة وبغداد، ومات بالري في سنة 189هـ .
اُنظر: سير أعلام النبلاء 134:9، الجرح والتعديل 7 /227، وفيات الاعيان 184:4، تأريخ بغداد 172:2. (73) اُنظر: المجموع 422:1، سبل السلام 62:1، فتح القدير 15:1، المغني 155:1، المبسوط ـ للسرخسي ـ 9:1، شرح فتح القدير 10:1، بدائع الصنائع 7:1، أحكام القرآن ـ للجصاص ـ 347:2، أحكام القرآن ـ لابن العربي ـ 577:2، التفسير الكبير ـ للفخر الرازي ـ 162:11، الدر المنثور 263:2، القاموس المحيط ـ كعب ـ 139:1، لسان العرب ـ كعب ـ 718:1.
(38)رأسه وقدميه، ثم وضع يده على ظهر القدم». ثم قال [ :« هذا هو الكعب » قال: وأومأ بيده إلى أسفل العرقوب، ثم قال:« إن هذا هو الظنبوب» ] (74).
* * * ____________ (74) ما بين المعقوفين أثبتناه من التهذيب 75:1|190، إذ الظاهر أن بعد قوله: « ثم قال ...» سقطاً في النسختين ـ المخطوطة والمطبوعة على الحجر ـ بدليل عدم إكمال الحديث المروي عن أبي جعفر عليه السلام أولاً، ولان العبارة التالية لقوله : «ثم قال...» في النسختين مقتطعة من حديث طويل من احتجاجات الامام الصادق عليه السلام مع أبي شاكر الديصاني عن حدوث العالم مما لا يناسب المقام ... كما لا يوجد ما يدل على مقدار ما بقي من الرسالة أو على نهايتها.
|