متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
البحث الأول: تحرير محل النزاع
الكتاب : الذات الإلهية وفق المفهوم الفلسفي    |    القسم : مكتبة عقائد الشيعة

البحث الأول: تحرير محل النزاع:

 

تستعمل الماهية في البحوث الفلسفية على نحوين، فمرة تطلق ويراد بها ما يجاب به عن السؤال بـ"ما هو" وهذا المعنى هو ما يناله العقل من الموجودات الممكنة عند تصورها تصوراً تاماً، وإن شئت قلت: قالب ذهني كلي للموجودات العينية، أو الحد العقلي الذي ينعكس في الذهن من الموجودات المحدودة، ويقال لها: الماهية بالمعنى الأخص، وتطلق أخرى ويراد بها "ما به الشيء هو هو" ويقال لها الماهية بالمعنى الأعم، لأنها تشمل الماهية بالمعنى الأخص والوجود والعدم أيضا، لأنه إن كان مصداق الشيء هو الماهية، فحقيقته وما به هو هو هي الماهية، وإن كان هو الوجود فهو الوجود، وإن كان العدم فهو العدم. وهذا الإصطلاح يصدق على ما لا ماهية له بالمعنى الأول كالواجب (تعالى) على مذاق مشهور الفلاسفة، وما له ماهية كالإنسان والماء والشجر ونحوها.

 

قال صدر المتألهين في الأسفار: إن الأمور التي تلينا لكل منها ماهية وإنية، والماهية ما به يجاب عن السؤال بـ"ما هو" كما أن الكمية ما به يجاب عن السؤال بـ"كم هو" وقد يفسر بـ"ما هو الشيء هو هو". وقد علق المصنف على هذا الكلام بقوله: "إن أخذ الجواب عن السؤال في هذا التعريف الأول، يدل على كون المعرّف – بالفتح – أمرا معقولا جائز الحلول في الذهن، ولا ينطبق هذا إلا على تلك الأمور الخارجية التي حيثية ماهيتها دون حيثية وجودها وخارجيتها المقابلة للذهن. وأما قولهم "ما به الشيء هو هو" فكما يجوز إنطباقه على حيثية ماهية الأشياء كذلك يجوز صدقه على حيثية وجودها، فيكون التعريف الثاني أعم مطلقاً".

                          

إذا عرفت ذلك نقول: اختلفت تعبيرات القوم في هذه المسألة، فقد عبّر عنها المصنف في المتن "واجب الوجود ماهيته إنيته" وعبر عنها في نهاية الحكمة "واجب الوجودة لا ماهية له" وعبر عنها إبن سيناء في "الشفاء": "إن الأول لا ماهية له غير الأنية". لذلك قد يشكل على الجمع بين قولهم "لا ماهية له" وقولهم "ماهيته إنيته". وعندئذ يمكن أن يقال – كما ذكر شيخ الأشراق – "إن الماهية قد يعنى بها ما به يكون الشيء هو ما هو، وبهذا المعنى يقولو للباري ماهيته هي نفس الوجود وقد تخصّص بما يزيد على الوجود مما به الشيء هو ما هو فتقتصر على أشياء الوجود من لواحقها، وبهذا الإعتبار يقولون "الأول لا ماهية له" أي أمر يعرض له الوجود".

 

وهذا ما أشار إليه شيخنا حسن زاده آملي بقول "إنه تعالى إنية صرفة ووجود بحث وحقيقة محضة لا تشوبه وصمة الماهية أصلا، فلو أطلقت الماهية عليه (تعالى) فهي بمعناها الأعم، أي ما به هو هو، فإن الماهية بهذا المعنى يصح إطلاقها على الوجود أيضا فيصح إطلاقها عليه (تعالى)، وأما بمعناها الأخص، أي ما يقال في جواب ما هو فهي مسلوبة عنه (تعالى). وربما قيل: يراد بالماهية في قولهم "ماهيته إنيته" المعنى الأول كما هو الحال في قولهم "لا ماهية له" فيكون هذا التركيب مجازياً للمبالغة في نفي الماهية عن الواجب (تعالى) كما تقول: "حدّه أنه لا حدّ له".

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net