ثانياً: أثره العملي
ويظهر هذا الاَثر واضحاً على أخلاق المؤمن وسلوكه، فبينما يتّبع الكافر سلوكاً إنتهازياً لا يؤمن بنظافة الوسيلة ولا شرف الغاية، ويضع مصالحه الآنية في سلّم الاَولوية، غاضاً النظر عن القيم والاَخلاق، نجد بالمقابل الاِنسان المتسلح بالاِيمان يسلك سلوكاً مثالياً يرتكز على الثوابت الاَخلاقية وقواعد السلوك السوّي، والملاحظ أنّه كلما كمل إيمان الفرد كلّما حسنت أخلاقه وتكاملت فضيلته، وفي الحديث الشريف:
____________
(1) كنز العمال 10: 136 | خ 28687.
(2) غرر الحكم.
(3) كنز العمال 10: 145 | خ 28740.
(4) اُصول الكافي 1: 33 | 8 كتاب فضل العلم.
«.. وأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً..» (1). ونظراً لوجود هذه العلاقة بين الاِيمان والاَخلاق نجد التوجهات الاَخلاقية تحتل حيزاً كبيراً من التعاليم الدينية.
لذلك نجد أنّ الافراد الذين يعيشون في مجتمعات بعيدة عن نور الاِيمان تغلب عليهم سمة الانحطاط الخلقي، ذلك لاَنَّ الحياء فرع الاِيمان، بل في التعبير النبوي «الحياء والايمان في قرن واحد، فإذا سلب أحدهما تبعه الآخر» (2).
أضف إلى ذلك أنّ الاِيمان يوجه الفرد نحو العمل والكسب الحلال، ويحذّره من التكاسل والاتّكال على الآخرين، فمن وصايا الاِمام الصادق عليه السلام لشيعته خاصة وللمسلمين عامّة: «لا تكسلوا في طلب معايشكم، فإنَّ آباءنا قد كانوا يركضون فيها ويطلبونها» (3).
وقد ترجم هذا الاِمام العظيم وصيته الذّهبية هذه إلى سلوك مثالي، فعن الفضيل بن أبي قرّة قال: دخلنا على أبي عبدالله عليه السلام وهو يعمل في حائط له فقلنا: جعلنا الله فداك، دعنا نعمل لك، أو تعمله الغلمان ؟! قال: «لا، دعوني فإنّي أشتهي أن يراني الله عزَّ وجلّ أعمل بيدي وأطلب الحلال في أذى نفسي» (4).
وقد جسّد لنا بسلوكه المثالي مبدأ القدوة الحسنة، الذي هو أحد
____________
(1) كنز العمال 1: 38 | ح 77.
(2) كنز العمال 1: 120 | ح 5766.
(3) من لا يحضره الفقيه 3: 95 دار صعب ـ بيروت 1981 م.
(4) من لا يحضره الفقيه 3: 99.
الاَساليب التربوية التي يتّبعها أهل البيت عليهم السلام، ذلك لاَنَّ «القدوة الحسنة والمثال الفعلي ـ أي التأثير دون إقناع منطقي ـ تقوم بدور كبير في تكوين الاتّجاهات. فالاَفعال أعلى صوتاً من الاَقوال، وإيحاء السلوك أقوى من إيحاء الاَلفاظ» (1).
مما تقدم ظهر لنا أنّ الاِيمان يدفع الفرد نحو السلوك المثالي الذي يتجسد في الاَخلاق الحسنة والعمل الصالح.
|