123 - قال : الفصل الثالث في ذكر فضائل ابى بكر الواردة فيه مع ضميمة غيره كعمر وعثمان وعلى وغيرهم إليه اخرج الحاكم في الكنى ، وابن عدى في الكامل ، والخطيب في تاريخه ، عن أبي هريرة ان رسول ( ص ) قال : أبو بكر وعمر خير الاولين والاخرين ، وخير أهل السموات وخير أهل الأرض الا النبين والمرسلين ( انتهى ) .
اقول : هذا الحديث موضوع في مقابلة ما روى من قوله ( ص ) " محمد وعلى خير البشر ، من ابى فقد كفر ، وقد كفى مؤنة القدح فيه ودفع ما يعرض فيه العامي من الحيرة ، كون اول راويه أبا هريرة .
124 - قال : اخرج الطبراني ، عن أبي الدرداء " اقتدوا بالذين من بعدى ، ابى بكر وعمر فانهما حبل الله الممدود ، من تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها " وله طرق مرت في احاديث الخلافة انتهى .
اقول : قد سبق منا الكلام على مقدمة هذا الحديث فيما ذكره هذا الشيخ الجامد من احاديث الخلافة وأما الزيادة المذكورة ههنا فقد وضعوها في مقابلة ما روى أحمد بن حنبل في مسنده عن أبي سعيد الخدرى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
" انى قد تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدى ، . الثقلين ، واحدهما اكبر من الاخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض ، وعترتي اهل بيتى ، الا وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض "
وما رواه الزمخشري باسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " فاطمة مهجة قلبى ، وابناها ثمرة فؤادى ، وبعلها نور بصرى ، والائمة من ولدها امناء ربى ، وحبل ممدود بينه وبين خلقه من اعتصم بهم نجا ومن تخلف عنهم هوى " .
125 - قال : واخرج الترمذي عن أبي سعيد ان النبي ( ص ) قال :
- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 338 : - |
ما من نبى الا وله وزيران من أهل السماء ووزيران من أهل الأرض ، فاما وزيراي من أهل السماء فجبرئيل وميكائيل ، وأما وزيراي من أهل الأرض فابو بكر وعمر ( انتهى ) .
اقول : سنذكر بعد ذلك اخبارا اخر في هذا المعنى ايضا ويتوجه على الكل ان الوزارة في اللغة تستعمل بمعنى المعونة ، ومعونة رسول الله صلى الله عليه وآله لا تكون إلا من جهتين لا ثالث لهما منهما المعونة في التادية والابلاغ الى الناس من
دين الله عز وجل الذي جاء به من عنده كما قال تعالى " ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه اخاه هارون وزيرا " فكان هارون مبلغا مع موسى مؤديا معه رسالات الله تعالى معينا له على دين الله تعالى ، والوجه الثاني هو المعونة بمجاهدة الكفار
و محاربتهم ولم يكن أبو بكر معينا للنبى صلى الله عليه وآله بشئ من هذين الوجهين وهو ظاهر ولا نعرف في معونة الرسول وجها ثالثا وذلك ان في الوزارة لسائر الناس ما يكون معه الراى والمشاورة والتدبير وقد قدمنا الاشارة الى ان هذا مما لا
يجوز ان يظن لاحد مع رسول الله ( ص ) لان الرسل لا يستعملون آراءهم وتدبيرهم دون تدبير الله وامره وإنما هم يصيرونه عن امر الله ونهيه وتدبيره في وجوه متصرفاتهم من حرب الى سلم ، الى تقديم ، الى تأخير ، الى غير ذلك ، ومن كان الله
مدبره ومختارا له في متصرفاته كان مستغنيا عن مشاورة رعيته وتدبيرهم معه وهذا ما لا يجوز ان نظنه دونهم في نبى ولا رسول ولا حجة لله يحتج بها على عباده ، وايضا يكذب ما ذكره من ان لكل نبى وزيرين من أهل الارض ان موسى عليه
السلام مع كونه نبيا من اولى العزم لم يسمع أحد له غير هارون عليه السلام وزيرا فظهر ان في الخبر وضعا وتزويرا .
126 - قال : واخرج أحمد والترمذي عن على وابن ماجه عنه ايضا وعن أبي جحيفة وأبو يعلى في مسنده وايضا في المختار عن انس ، والطبراني في الاوسط
- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 339 : - |
عن جابر وعن أبي سعيد ان رسول الله ( ص) قال هذان سيدا كهول أهل الجنة من الاولين والاخرين الا النبيين والمرسلين يعنى أبا بكر وعمر ( انتهى ) .
اقول : لعل هذا الشيخ الجاهل انما يبالغ في ذكر الكثرة من رجال هذا الحديث وتعدد طرقهم فيه اظهارا لفضله وكثرة تتبعه على المحدثين من اصحابه والا فلا يخفى على أحد ان ذلك لا ينجع في الاحتجاج على الشيعة فإن ذلك عندهم يوجب زيادة
التهمة الا الظن بالصحة وهو ظاهر ، على انهم كما قال صاحب كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة رووا حديثا آخر ابطلوا به هذا الحديث ، وذلك انهم رووا باجماع منهم ومن غيرهم ان الرسول ( ص ) قال : " أهل الجنة يدخلون الجنة جردا مردا
مكحلين " فإذا كانوا كذلك فلا كهول هناك ليكونا سيديهم ولو كان هناك ايضا كهول كما زعموا هل كانت امامة أبي بكر وعمر ورياستهما على الكهول دون الشباب والمشايخ ام كانت على الجميع ؟
فان قالوا : انها كانت على الكهول دون غيرهم بانت فضيحتهم ، وان قالوا : بل كانت على جميعهم ، قيل لهم : فالسيد في كلام العرب هو الرئيس وليس في الرياسة اجل من الامامة فإذا كانا امامين على الكهول وغيرهم فهما رئيسان على جميعهم وإذا
كانا رئيسين على الجميع فهما سيدا الجميع وإذا كان الامر كذلك فلا فائدة في قول الرسول ( ص ) " هما سيدا كهول أهل الجنة " ولعمري لو كان ذلك منه صحيحا لبخسهما حقهما إذ قال : هما سيدا كهول أهل الجنة . وهما سيدا الكهول والمشايخ والشباب بزعمكم فهذا ما يشتغل به ذوقهم ( انتهى )
وقد يقال : معنى قوله " هما سيدا كهول اهل الجنة " انهما سيدا الكهول الذين يدخلون الجنة ، ولا يلزم منه كون بعض أهل الجنة كهولا حين كونه في الجنة واقول يتوجه عليه مع ما مر في كلام صاحب الاستغاثة من لزوم نقص امامتهم وقصرها
على الكهول وقوع التعارض بينه وبين ما روى الجمهور في صحاح احاديثهم ايضا ان النبي ( ص) قال : " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " وذلك
- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري ص 340 : - |
لأن اسلوب الحديثين وسوقهما بعد تكلف التقدير المذكور يقتضى وجوه مناسبة في الموضعين اعني لسيد الكهول مع الكهول في الكهول ، ولسيد الشباب مع الشباب في الشباب ، ولم يكن الحسن والحسين عليهما السلام شابين عند الوفاة حتى يقال : هما سيدا الشباب الذين يدخلون الجنة وأبو بكر وعمر سيدا الكهول الذين يدخلون الجنة فيلزم التعارض قطعا .
وقال العاقولي في شرحه للمصابيح في تفسير حديث السبطين ( ع ) انه لم يرد به سن الشباب لانهما ( ع ) ماتا وقد كهلا بل ما يفعله الشباب من المروءة كما يقال : فلان فتى وان كان شيخا إذا كان ذا مروءة وفتوة انتهى فعلى هذا التفسير المجمع عليه
يكونان هما سيدى الشباب والكهول وسيدي أبي بكر وعمر ، ان كان لهما فتوة ومروءة وفيه تكذيب صريح لحديث " سيدا كهول اهل الجنة " فتدبر .
127 - قال : الباب الرابع في خلافة عمر ، انا لا نحتاج في هذا الى قيام البرهان على حقية خلافة عمر لما هو معلوم عند كل ذى عقل وفهم انه يلزم من حقية خلافة ابى بكر حقية خلافة عمر فكيف وقد قام الاجماع ونصوص الكتاب والسنة على حقية خلافة ابى بكر .
اقول : لقد ابطلنا بتوفيق الله تعالى ومنه جميع ما ذكره في حقية خلافة ابى بكر من الادلة القاصرة ، والتحكمات الفاجرة ، الناشئة عن سوء المصادرة ، واثبتنا بطلان خلافته بتشييد اركان دلائل الشيعة على غصبه لها بخلافته فقد كفانا ذلك مؤنة
الكلام في ابطال خلافة عمر وتضييع الوقت فيه ، لأن بطلان الاول يستلزم بطلان الثاني ، وكذا الكلام في خلافة عثمان ، والله المستعان في كل الامور
* تم الكتاب * تم طبع الكتاب بعون الله الملك الوهاب في عاشر ربيع الاول من هذه السنة 1367 الهجرية القمرية مطابقا لهذا التاريخ " 1 / 11 / 1326 " من السنة الهجرية الشمسية
................. تم..................
|